الوجه التاسع

الوجه 9

*الوجه التاسع*
┈┉━❋❋━┉┈

*بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. *

*أما بعد:*
*_اليوم بمشيئة الله تعالى موعدنا مع:

*الوجه التاسع*
{الآيات: ٥٨~٦١}.

من:
ـ *ختمة الإمام عاصم*
- رحمه الله تعالى- *



قال تعالى:
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
ـ *{{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ ﴿٥٨﴾ فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿٥٩﴾ وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِن رِّزْقِ الله وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴿٦٠﴾ وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُم مَّا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ الله ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ الله وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ ﴿٦١﴾}}.*

ـ *أحكام التجويد:*

والآن مع توضيح بعض أحكام التجويد الواردة في هذا الوجه:

*ـ [[وَإِذْ قُلْنَا]]:*
نحرص على أن نأتي برخاوة وجهر الذال.
(قلنا): اللام ساكنة جاورت النون، فنحذر من إدغام اللام في النون، إذ أن بين اللام والنون تقارب في المخرج.
ـ وبعض الناس قد يلحن أحيانا فيقول: (وإذ قنّا)، وهذا خطأ .
والصواب: أن اللام مظهرة والذي يساعد القارئ على أن يُظهر اللام دون صعوبة، أن يحقق صفة التوسط، وهي جريان بعض الصوت حين النطق بالحرف فنقول: (وإذذ قلنا)، هكذا.

*ـ [[وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا]]:*
وإذ قلنا ادخلوا الدال ساكنة فتقلقل.

ـ *والقلقلة:*
هي مجرد اضطراب في مخرج الحرف لا تميل للفتح ولا للكسر ولا للضم.

*ـ [[رَغَدًا وَادْخُلُوا]]:*
تنوين بعده واو، حكمه الإدغام الناقص إدغام بغنة.

*ـ [[حِطَّةٌ نَّغْفِرْ]]:*
تنوين بعده نون، حكمه الإدغام بغنة.
ـ ونحذر من تفخيم النون إذ أنها جاورت الغين المفخمة، فلا نقول: (وقولوا حطة نغفر نا)، خطأ .
الصواب: (نا نغفر).
ثم نحرص على أن نأتي بكسرة الفاء ونرقق الراء، لأن الراء ساكنة وقبلها مكسور فحقها أن ترقق.

*ـ [[ظَلَمُوا]]:*
نحذر من تفخيم اللام فلا نقول: (ظلموا).

*ـ [[قَوْلًا غَيْرَ]]:*
تنوين بعده غين حكمه الإظهار.
ـ ونحذر من تفخيم الياء، إذ أنها وقعت بين حرفين مفخمين بين الغين والراء فلا نقول: (غيير)، وإنما نقول: (غير).

*ـ [[لَهُمْ فَأَنزَلْنَا]]:*
ميم ساكنة بعدها فاء حكمها الإظهار.
ـ ونحذر من إخفاء الميم إذا جاء بعدها فاء أو واو.
(فأنزلنا): نون ساكنة بعدها زاي حكمها الإخفاء.
ونحترس أيضا من إدغام اللام في النون.

*ـ [[السَّمَاءِ]]:*
مد واجب متصل، يمد بمقدار ألِفَين، أي يمد بمقدار أربع حركات.

*ـ [[يَفْسُقُونَ]]:*
نحذر من تفخيم الحروف قبل القاف، إذ أنها كلها مرققة، ولأنها جاورت القاف المفخمة، قد يفخم البعض هذه الأحرف فيقول: (يفسقون)، خطأ .
الصواب: (يفسقون).

*ـ [[لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا]]:*
هاء ضمير المفرد الغائب وقعت بين حرفين متحركين، الثاني منهما ليست همزة قطع، فيسمى مد صلة صغرى، يمد حين الوصل بمقدار حركتين، ويعامل معاملة المد الطبيعي.

وأما حين الوقف فإننا نقف على هاء ساكنة، نقول:
*ـ [[وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهْ]]:*
هذا حال الوقف.

وأما حال الوصل فنقول:
*ـ [[وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا]]:* هكذا.

*ـ [[فَقُلْنَا]]:*
نحرص على أن نأتي بتوسط اللام.

*ـ [[اضْرِب بِّعَصَاكَ]]:*
نحترس من قلقلة الضاد أو همسها، فلا نقول: (اضرب)، ولا نقول: (اضرب).
الصواب: أن الضاد ليست مهموسة وليست مقلقلة، فنقول: (اضرب بعصاك).
ثم الباء الأولى مدغمة في الباء الثانية.

*ـ [[مَّشْرَبَهُمْ]]:*
ـ نحذر من تفخيم الميم والشين، إذ أن هذه الأحرف جاءت قبل الراء المفخمة، فلا نقول: (مشربهم ماشربهم)، خطأ .
الصواب: (مشربهم).
ثم الشين ساكنة فيها صفة الرخاوة، وصفة التفشي:
أي انتشار الهواء في الفم.

*ـ وهكذا في كل حرف مفخم جاوره حرف مرقق، فنحترس من تفخيم الحرف المرقق، أو ترقيق الحرف المفخم.*

*ـ [[النَّبِيِّينَ]]:*
نلاحظ أن فيها ياء مشددة، ثم بعدها ياء مدية، يسمى هذا في علم التجويد:
*<<مد تمكين الأمكن>>.*
أي أننا نمكن للياءين في النطق فلا نقول: (النبيين)، خطأ .
الصواب: أننا نمكن الياءين فنقول: (النبيين).

*ـ [[الْحَقِّ]]:*
نقف على قاف مقلقلة، ونحترس من تفخيم الحاء، فلا نقول: (الحق الحا)، خطأ .
الصواب: (الح الحق).

*ـ [[عَصَوا وَّكَانُوا]]:*
نحترس أيضا من تفخيم العين، فلا نقول: (عصوا).
الصواب: (عا عصوا).

هذه بعض أحكام التجويد الواردة في هذا الوجه، وليست كل الأحكام، وإنما عملنا بمبدأ قول ابن الجزري -رحمه الله تعالى- واللفظ في نظيره كمثله.
ـ *التفسير:*
والآن ننتقل سويا إلى قراءة تفسير هذه الآيات:

قال تعالى:
ـ *{وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا}.* إلى آخر الآية:
أي: واذكروا نعمتنا عليكم حين قلنا: ادخلوا مدينة "بيت المقدس" فكلوا من طيباتها في أي مكان منها أكلا هنيئًا، وكونوا في دخولكم خاضعين لله، ذليلين له، وقولوا: ربَّنا ضَعْ عنَّا ذنوبنا، نستجب لكم ونعف ونسترها عليكم، وسنزيد المحسنين بأعمالهم خيرًا وثوابًا.

ـ *{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}.*
أي: فبدَّل الجائرون الضالون من بني إسرائيل قول الله، وحرَّفوا القول والفعل جميعًا.
إذ دخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا: حبة في شعرة، واستهزؤوا بدين الله.
فأنزل الله عليهم عذابًا من السماء؛ بسبب تمردهم وخروجهم عن طاعة الله.

ـ *{وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ}.*
أي: واذكروا نعمتنا عليكم -وأنتم عطاش في التِّيه- حين دعانا موسى -بضراعة- أن نسقي قومه.
فقلنا: اضرب بعصاك الحجر، فضرب، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينًا، بعدد القبائل، مع إعلام كل قبيلة بالعين الخاصة بها حتى لا يتنازعوا.
وقلنا لهم: كلوا واشربوا من رزق الله، ولا تسعوا في الأرض مفسدين.

ـ *{وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ}.* إلى آخر الآية:

أي: واذكروا حين أنزلنا عليكم الطعام الحلو، والطير الشهي، فبطِرتم النعمة كعادتكم، وأصابكم الضيق والملل.
فقلتم: يا موسى لن نصبر على طعام ثابت لا يتغير مع الأيام، فادع لنا ربك يخرج لنا من نبات الأرض طعامًا من البقول والخُضَر، والقثاء والحبوب التي تؤكل، والعدس، والبصل.
قال موسى -مستنكرًا عليهم-:
أتطلبون هذه الأطعمة التي هي أقل قدرًا، وتتركون هذا الرزق النافع الذي اختاره الله لكم؟؟!!
اهبطوا من هذه البادية إلى أي مدينة، تجدوا ما اشتهيتم كثيرًا في الحقول والأسواق.
ولما هبطوا تبيَّن لهم أنهم يُقَدِّمون اختيارهم -في كل موطن- على اختيار الله، ويُؤْثِرون شهواتهم على ما اختاره الله لهم؛ لذلك لزمتهم صِفَةُ الذل وفقر النفوس، وانصرفوا ورجعوا بغضب من الله؛ لإعراضهم عن دين الله، ولأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين ظلمًا وعدوانًا؛ وذلك بسبب عصيانهم وتجاوزهم حدود ربهم.

┈┉━❋❋━┉┈

*هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.*