*
سورةالبقرة
*
{{ الآيات (١-٥) }}
*
بسم الله والحمد لله والصلاة
*
*_والسلام على رسول الله.. أمابعد:
اليوم بمشيئة الله -تعالى- موعدنا مع الوجه الثاني من ختمة الإمام عاصم -رحمه الله تعالى-_.
*
قال تعالى:*
*
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
*
*
﴿ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾
*
* * ﴿﴿*الم ﴿١﴾*
*
ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾*
*
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ﴿٣﴾*
*
وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾*
*
أُولَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾﴾.*
*أحكام التجويد*
والآن مع توضيح بعض أحكام التجويد الواردة في هذا الوجه:
*ـ <<الم:>>*
هذه الحروف المقطعة التي تأتي في بداية السور، تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
ـ *قسم لا مد فيه:*
وهو حرف الألف، إذ أنه ليس في وسطه حرف مد.
ـ *وقسم يمد بمقدار حركتين:*
وهو حروف كلمة:
*[[حي طهر]].*
لأن هذه الحروف تكتب على هيئة حرفين فقط: [[حا، طا، ها، را، يا]]، هكذا..
ـ *وحروف تكتب على هيئة ثلاثة أحرف وسطها حرف مد.*
وهي في كلمة:
*[[نقص عسلكم]].*
النون تكتب [نون]، القاف تكتب [قاف]، اللام تكتب [لام]. وهكذا في باقي الأحرف.
*ـ فنلاحظ أن وسط الكلمة حرف مد، ما عدا كلمة: [[عين]]، فإن فيها حرف لين.
لذلك حرف اللين هذا يجوز فيه: التوسط والإشباع.*
لذلكـ قال صاحب تحفة الأطفال:
*"وعينُ ذو وجهين والطول أخص"*
أي أنك تشبعها ست حركات، فهو أفضل.
ـ فهنا: *<<الم>>:*
ـ (الألف): ليس فيها مد.
ـ أما كلمة: (لام)، وكلمة: (ميم) فيها مد لازم، يمد بمقدار ست حركات، ويسمى:
ـ *[[مد لازم حرفي]].*ـ
ـ (لام):
*[[مد لازم حرفي مثقل]].*ـ
ـ (ميم):
ـ *[[مد لازم حرفي مخفف]].*ـ وكلاهما يمد ست حركات.
*ـ <<ذَٰلِكَ الْكِتَابُ:>>*
نحرص على أن نأتي بكسرة اللام.
*ـ <<ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ:>>*
ـ يجوز الوقف على كلمة: (رَيْبَ ۛ)، وإذا وقفنا على كلمة: (رَيْبَ ۛ)، وإذا وقفنا على كلمة: (رَيْبَ)، فلا نقف على كلمة: (فيه).
ـ ويجوز الوقف على كلمة: (فيه)، وهذا هو الافضل.
*ـ <<هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ:>>*
ـ تنوين بعده لام، حكمه الإدغام الكامل بغير غنة. و:
*ـ الإدغام الكامل:*
ـ أنه لا يبقى للحرف الأول أثر:
لا صفة.
ولا مخرجا.
بل يدغم كاملا في الحرف التالي، لذلك يسمى:
*ـ " إدغام كامل ".*ـ
ـ أما إذا بقي للحرف الأول أثر:
كغنة النون مثلا.
أو استعلاء الطاء في كلمة: (بسطت).
فيسمى:
*ـ " إدغام ناقص ".*ـ
ـ لذلك هنا نقول:
*ـ ـ <<هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ:>>*
يسمى: *ـ "إدغام كامل".* إذ أنه لم يبقى أثر النون لا مخرجا، ولا صفة.
*ـ <<لِّلْمُتَّقِينَ:>>*
ـ ـ نحذر من تفخيم التاء، فلا نقول: (للمطقين)، خطأ
.
وكذلك القاف مكسورة، فهي أقل درجات التفخيم، فنقول: (للمتقين). هكذا..
*ـ <<الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ:>>*
ـ الهمزة ساكنة، فنحذر من قلقلتها، أو تسهيلها، فلا نقول: (يوؤمنون)، ولا نقول: (يومنون)
.
بل الصواب: (يؤمنون).
ونحرص على أن نأتي بكسرة الميم، فلا نقول: (يؤمنون)
.
الصواب: (يؤمنون).
*ـ <<بِالْغَيْبِ:>>*
الباء المكسورة، فنحرص على أن نأتي بكسرة الباء.
واللام ساكنة فيها صفة التوسط.
(بِالْغَيْبِ): الغَين مفتوحة فمفخمة. وهكذا..
*ـ <<وَيُقِيمُونَ:>>*
ـ القاف مكسورة، فنحرص على أن نأتي بكسرة القاف، وننزل بها إلى أقل درجات التفخيم.
*ـ <<الصَّلَاةَ:>>*
ـ نحذر من تفخيم اللام، فلا نقول: (الصلاة)، خطأ
.
*ـ <<وَمِمَّا:>>*
ـ ميم مشددة تغن بمقدار حركتين.
*ـ <<رَزَقْنَاهُمْ:>>*
ـ نحذر من تفخيم الزاي، إذ أنها وقعت بين حرفين مفخمين، وقعت بين الراء المفخمة وبين القاف. فلا نقول: (رزقناهم رزَ)، خطأ
. رزقناهم.
*ـ <<يُنفِقُونَ:>>*
ـ النون ساكنة، بعدها فاء، حكمها الإخفاء.
*ـ وآلية الإخفاء:*
أننا نأتي عند مخرج الفاء، ثم نخرج غنة من الخيشوم.
فنقول: (ينفقون)
.
ولا نقول: (ينفقون).
وكأنها نون مظهرة، هذا خطأ
.
ـ والوقف على كلمة: (المتقين) أو: (ينفقون)، أو: (يوقنون)، يجوز الوقف عليها.
ـ بقصر المد العارض للسكون حركتين.
ـ أو بتوسطه.
ـ أو بإشباعه، ست حركات. فنقول:
ـ (ينفقون): حركتين.
ـ (ينفقوون): أربع حركات.
ـ (ينفقووون): ست حركات.
*ـ <<وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ:>>*
ـ الهمزة ساكنة.
ـ فنحذر من قلقلتها.
*ـ <<بِمَا أُنزِلَ>>:*
مد جائز منفصل، يمد بمقدار أربع، أو خمس حركات. لكننا:
إذا قمنا بمد: المد المنفصل أربع حركات. فلنا في المد المتصل أربع أو خمس حركات.
أما إذا قمنا بمد: المد المنفصل خمس حركات.
فليس لنا في المد الواجب إلا خمس حركات.
*ـ لأن المد الواجب أقوى من المد المنفصل. فلا بد أن يساويه، أو يزيد عنه.
*ـ << أُنزِلَ:>>*
ـ نون ساكنة، بعدها زاي حكمها الإخفاء.
ونحرص على أن نأتي بكسرة الزاي.
*ـ <<وَمَا أُنزِلَ:>>*
كذلك سبق بيانه.
*ـ <<مِن قَبْلِكَ:>>*
ـ نون ساكنة بعدها قاف، حكمها الإخفاء.
*ـ وآلية الإخفاء:*
أننا نقف عند مخرج القاف، ثم نخرج غنة من الخيشوم.
فإذا فعلنا ذلك فإننا سنجد أن الغنة مفخمة.
إذ أن غنة الإخفاء، تتبع ما بعدها من حيث التفخيم والترقيق، لأننا نقف عند مخرج الحرف التالي.
لذلك نقول: *(من قبلِك).*
*ـ ونلاحظ أن:*
مرتبة الإخفاء عند القاف، وعند الكاف، قريبة جدا من الإظهار، فنحرص على ذلك.
ثم الباء ساكنة، فيها القلقلة.
ونحرص على أن نأتي بكسرة اللام.
*ـ <<وَبِالْآخِرَةِ:>>*
(وبِ): نحرص على نأتي بالكسرة، وبتوسط اللام.
همزه بعدها ألف حكمها مد بدل، يمد بمقدار حركتين. ثم:
*ـ <<هُمْ يُوقِنُونَ:>>*
ـ ميم ساكنة بعدها ياء، حكمها الإظهار.
ـ نحرص على أن نأتي بزمن المد الطبيعي في كلمة: (يوقنون).
*ـ <<أُولَـٰئِكَ:>>*
ـ مد واجب متصل يمد بمقدار أربع أو خمس حركات.
ـ ـ و نلاحظ هنا في المصحف:
أن الواو بين الهمزة واللام عليها صفر مستدير.
ـ وهذا معناه في الرسم العثماني:
أن هذا الحرف يُقرأ ولا يُنطق.
*ـ <<أُولَـٰئِكَ:>>*
ـ الهمزه بعد المد، ـ نحذر من تسهيلها، إذ أن البعض يسهل الهمزة، إذا جاءت بعد حرف مد، فيقرؤها لحنا: (أوليك على)، هذا خطأ
.
الصواب: أن الهمزة محققة، فنقول: (أولئك عَلَى).
*ـ <<هُدًى مِّن:>>*
ـ تنوين بعده ميم، حكمه الإدغام بغنة.
*
لكن العلماء اختلفوا:*
هل الغنة هذه، غنة النون فيكون إدغاما ناقصا؟؟
أم أنها غنة الميم فيكون إدغاما كاملا؟؟
وكلا الفريقين لا خلاف بينهما في التطبيق، فالجميع يقرؤها: (هدى من).
لكن خلاف فقط في *" التجويد النظري ":*
ـ هل هو إدغام ناقص؟؟
ـ أم إدغام كامل؟؟
ـ ونلاحظ في رسم المصحف، أنه عومل على أنه إدغام الكامل.
*ـ [[النون الساكنة في الميم، أوالنون الساكنة في النون، في رسم المصحف، عوملت على أنها إدغام كامل. إذ أنه يشدد النون، النون أو الميم بعد التنوين والنون]].*
*ـ <<مِّن رَّبِّهِمْ ۖ:>>*
ـ نون ساكنة بعدها راء، إدغام كامل. (من ربهم): نحرص على أن نأتي بكسرة الباء والهاء.
*ـ <<وَأُولَـٰئِكَ:>>*
ـ مد واجب متصل يمد بمقدار أربع أو خمس حركات.
هذه بعض أحكام التجويد الواردة في هذه الآيات.
*تفسير الآيات*
*ـ والآن ننتقل إلى قراءة تفسيرها:ـ *
*
قال تعالى*
*ـ بسم الله الرحمن الرحيمـ *
*ـ <<آلم:>>*
هذه الحروف وغيرها، من الحروف المقطعة في أوائل السور، فيهاإشارة إلى إعجاز القرآن.
ـ فقد وقع به تحدي المشركين، فعجزوا عن معارضته، وهو مركب من هذه الحروف التي تتكون منها لغه العرب.
ـ فدل عجز العرب عن الإتيان بمثله، مع أنهم أفصح الناس.
ـ فدل ذلك على أن القرآن وحي من الله -عز وجل-.
ـ وكأن الله -عز وجل- يريد أن يقول لهم: أيها العرب إن القرآن مركب من هذه الأحرف، التي تتكلمون بها، ومن هذه اللغة التي تنطقون بها.
ـ وتحداهم الله -عز وجل- أن يأتوا بمثله، أو بعشر سور، أو بسورة من مثله، فلم يستطيعوا ذلك.
*ـ ﴿ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾:*
ذلك القرآن: هو الكتاب العظيم، الذي لا شك أنه من عند الله.
ـ فلا يصح أن يرتاب فيه أحد لوضوحه، ينتفع به المتقون بالعلم النافع، والعمل الصالح.
وهم الذين يخافون الله و يتبعون أحكمه.
ـ ذلك الكتاب لا ريب في.ه نلاحظ أنه لو أن أحدا من البشر ألّف كتابا ما، لا يستطيع أن يتحدى به الناس أجمعين.
ـ فيقول أن هذا الكتاب لا خطأ فيه، ولن تستطيعوا أن تحصلوا منه على خطأ ما.
ـ ولكن الله -عز وجل- تحدى به العالمين، فقال: (ذلك الكتاب لا ريب فيه).
ـ لا يستطيع أحد أن يُخرج من هذا الكتاب خطأ، أو أن يستدرك على الله -عز وجل- "حاشا وكلا"، أن يستدرك خطأ ما.
ـ ذلك الكتاب العظيم القرآن:
*ـ ﴿هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾﴾*
أي أنه يهدي المتقين، الذين يتبعون أحكامه. فمن يتبع أحكام القرآن يُهدى إلى الصواب.
من هم المتقون؟؟
*ـ ﴿﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُون ﴿٣﴾﴾:*
هم الذين يصدقون بالغيب، الذي لا تدركه حواسهم ولا عقولهم وحدها. لأنه لا يُعرَف إلا بوحي الله الى رسله مثل الإيمان بالملائكة والجنة والنار، وغير ذلك مما أخبر الله به، أو أخبر به رسوله.
ـ الإيمان: كلمة جامعة للإقرار بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.
ـ وتصديق الإقرار بالقول والعمل بالقلب واللسان والجوارح.
وهم مع تصديقهم بالغيب، يحافظون على أداء الصلاة في مواقيتها، أداء صحيحا، وفق ما شرع الله لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-.
ومما أعطيناهم من المال يُخرِجون صدقة أموالهم الواجبة والمستحقة.
لذلك قال سبحانه:
(وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ):
أي ينفقون أموالهم سواء بالزكاة أو بالصدقة.
*ـ ﴿وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾﴾.*
أي هم الذين يصدقون، بما أنزل إليك أيها الرسول من القرآن، وبما أنزل إليك من الحكمة، وهي السنة.
ـ وبكل ما أنزل من قبلك على الرسل، من كتب كالتوارة والإنجيل وغيرهما. ـ ويصدقون بدار الحياهة بعد الموت، وما فيها من الحساب والجزاء، تصديقا بقلوبهم، يظهر على ألسنتهم وجوارحجهم.
وخُص يوم الآخرة لأن: الإيمان به من أعظم البواعث على فعل الطاعات، واجتناب المحرمات، ومحاسبة النفس.
ـ لأن الإنسان إذا علم أنه سيقف بين يدي الله -عز وجل-، وسيحاسب على كل صغيرة وكبيرة.
وأن الله -عز وجل- يحاسب بالذرة كما قال:
*(فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره ومن يعمل مثقال ذره شر يره).*
إذا علم الإنسان ذلك، فإنه سيعلم أنه واقف لا محالة بين يدي الله -تعالى-، وأنه مسؤول، فسوف يُعِد لهذا السؤال جوابا.
لذلك فالإيمان باليوم الآخر هو من أركان الإيمان، الذي إذا فُقِد هذا الركن، فُقِد الإيمان.
قال سبحانه:
*ـ ﴿أُولَـٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥ ﴾﴾.*
من كانت هذه صفاته، فإنهم يسيرون على نور من ربهم، وبتوفيق من خالفهم، وهاديهم.
وأولئك هم الفائزون الذين أدركوا ما طلبوا، ونجَو من شر ما منه هرب.
ـ نسأل الله -العظيم- أن يجعلنا من المتقين، الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة، والذين ينفقون أموالهم في سبيل الله.
*ـ هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.ـ *