*????الوجه الحادي والأربعون????*

عاصم*
*الوجه الحادي والأربعون*
*{الآيات: ٢٤٩~٢٥٢}*

┈┉━❋❋━┉┈

*بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.*

*أما بعد:*
_اليوم بمشيئة الله تعالى موعدنا مع:
*الوجه الحادي والأربعين*

من:
*ختمة الإمام عاصم*
-رحمه الله تعالى-

قال تعالى:
أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ
*﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو الله كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴿٢٤٩﴾ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴿٢٥٠﴾ فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴿٢٥١﴾ تِلْكَ آيَاتُ اللهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٢٥٢﴾﴾.*


*أحكام التجويد:*

والآن مع توضيح بعض أحكام التجويد الواردة في هذا الوجه:

*{فَلَمَّا}:*
ميم مشدة، تغن بمقدار حركتين.

*{فَصَلَ}:*
الصاد المفخمة جاورت الفاء المرققة.
فنحذر من تفخيم الفاء، فلا نقول: (ف فصل)، خطأ .

وهكذا: *في كل حرف مفخم جاور حرفا مرققا، لا بد من تخليص الحروف المرققة من المفخمة.*
والحروف المفخمة مطلقا حروف: *((خص ضغط قظ)).*

*هناك بعض الحروف تفخم أحيانا وترقق أحيانا:*
ك (لام) لفظ الجلالة، تفخم إذا سبقت بفتح أو ضم.
وترقق إذا سبقت بكسر.

والراء تفخم أحيانا، وترقق أحيانا:
تفخم إذا كانت مفتوحة أو مضمومة.
وترقق إذا كانت مكسورة.

وأما إذا كانت ساكنة، وسبقت بضم أو فتح، أو ألف أو واو، أو جاء بعدها حرف استعلاء في نفس الكلمة، فإنها تفخم.
وأما إذا كانت ساكنة، وسبقت بكسر أو ياء فإنها ترقق.

كذلك الألف:
يرقق أحيانا.
ويفخم أحيانا.
فالألف يتبع ما قبله، من حيث التفخيم والترقيق.
عكس الغنة: فإن الغنة تتبع ما بعدها من حيث التفخيم والترقيق.

*{إِنَّ اللهَ}:*
لام لفظ الجلالة سبقت بفتح فإنها تغلظ.
والنون مشددة، تغن بمقدار حركتين.

*{بِنَهَرٍ فَمَن}:*
تنوين بعده فاء، حكمه الإخفاء.

*{فَمَن شَرِبَ}:*
أيضا النون ساكنة بعدها شين، حكمها الإخفاء.

*{وَمَن لَّمْ}:*
نون ساكنة بعدها لام، حكمها الإدغام الكامل، إدغام بغير غنة.

*{يَطْعَمْهُ}:*
الطاء ساكنة فتقلقل.
والميم ساكنة ففيها صفة التوسط.
ونحذر من تفخيم الياء، إذ أنها سبقت الطاء. وقد نبهنا على ذلك.

*{مِنِّي إِلَّا}:*
مد جائز منفصل، يمد بمقدار أربع حركات.

*{مَنِ اغْتَرَفَ}:*
الغين ساكنة، والغين من حروف: *"خص ضغط قظ".* سبقت بكسر فإنها تكون في أقل درجات التفخيم.

*بعض العلماء:*
يرى أن الحروف المفخمة:
أعلاها المفتوح بعده ألف.
ثم المفتوح.
ثم المضموم.
ثم الساكن.
ثم المكسور.
فيجعلون للحرف الساكن درجة ثابتة.

*وبعض العلماء:*
يرى أن الحرف الساكن يأخذ درجة الحرف السابق له:
فإن كان السابق له مفتوحا، فإنها تأخذ المرتبة الثانية.
وإن كان الحرف السابق له مضموما، يأخذ المرتبة الثالثة.
وإن كان مكسورا، فإنه يأخذ أقل درجات التفخيم، ويسمى: تفخيم نسبي.
لذلك يقول: (مَنِ اغْتَرَفَ)، هكذا.

*{غُرْفَةً بِيَدِهِ}:*
تنوين بعده باء، حكمه الإقلاب.

*{فَشَرِبُوا مِنْهُ}:*
نحرص على نأتي بزمن المد الطبيعي في كلمة: (فَشَرِبُوا).
إذ أن بعض الناس قد يختلس زمن المد الطبيعي فيقول: (فشربوا منه)، وهذا خطأ ولحن .
إذ أن المد الطبيعي بمقدار حركتين، يقول: (فَشَرِبُوا مِنْهُ)، هكذا.

*{قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ}:*
كلمة: (يَظُنُّونَ) نحذر من تفخيم الياء.

*{أَنَّهُم مُّلَاقُو}:*
ميم ساكنة بعدها ميم متحركة، إدغام مثلين صغير، يغن بمقدار حركتين.


*{فِئَةٍ قَلِيلَةٍ}:*
تنوين بعده قاف، حكمه الإخفاء الحقيقي.
*وآلية الإخفاء:*
أننا نقف عند مخرج القاف، ثم نخرج غنة من الخيشوم، فلاحظ أن الغنة ستكون مفخمة لأن القاف حرف مفخم.

*{قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ}:*
تنوين بعده غين، حكمه الإظهار.

*{وَلَمَّا بَرَزُوا}:*
نحذر من تفخيم الباء، إذ أنها جاورت الراء المفخمة.

*{قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ}:*
مد جائز منفصل، يمد بمقدار أربع حركات.
وكلمة: (أفرغ)، الفاء ساكنة، والغين ساكنة، وكلاهما فيه صفة الرخاوة.

*والرخاوة معناها:*
جريان الصوت عند النطق بالحرف. فنقول: (أفرغ)، هذا الزمن، لا بد أن نأتي بجزء منه أثناء القراءة.
ثم الغين ساكنة، سُبقت بكسر، ففيها تفخيم نسبي، يسمى أقل درجات التفخيم.

*{صَبْرًا وَ}:*
تنوين بعده واو، حكمه الإدغام بغنة، إدغام ناقص.

*{وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا}:*
التاء ساكنة، والتاء فيها صفة الشدة، وصفة الهمس، وهمس التاء يأتي بعد صفة الشدة، فنحذر من قلقلتها، إذ أنها شديدة، فلا نقول: (وثبت أقدامنا)، خطأ .
الصواب: (وثبت أقدامنا)، هكذا.

*{وَقَتَلَ دَاوُودُ}:*
كلمة: (داوود)، نلاحظ أن الواو كتبت في المصحف بعدها واو صغيرة: "واو فارسية".
فهنا في كلمة: (داوود)، مد طبيعي. نحرص على أن نأتي به، فلا نقول: (وقتل داود جالوت، داود)، خطأ .
لا بد أن نأتي بزمن المد الطبيعي فنقول: (وَقَتَلَ دَاوُودُ)، لا بد من هذا الزمن.

*{مِمَّا يَشَاءُ}:*
مد واجب متصل، يمد بمقدار أربع حركات.
إذا وقفنا عليه فإنه يجوز فيه أن نقف على: أربع أو خمس أو ست حركات.

*{ذُو فَضْلٍ}:*
كلمة: (فضل): نحذر من تفخيم الفاء، إذ أنها جاورت الضاد.
كذلك الضاد تخرج من إحدى حافتي اللسان مع الأضراس.
وبعض الناس يخطئ أحيانا، فيخرج الضاد من مخرج الطاء، فكأنها طاء، أو دال مفخمة، فيقول: (فطل الله)، خطأ .

وبعض الناس يخرجها وكأنها ظاء، فيقول: (فظل الله)، هذا أيضا خطأ .
والصواب: أن الضاد ليست طاء، كما عند المصريين، وليست ظاء كما عند أهل الحجاز، وإنما الضاد تخرج من إحدي حافتي اللسان مع الأضراس، فنقول: (ذو فضل)، هكذا.

*{بِالْحَقِّ}:*
أولا: نحرص على أن نأتي بكسرة الباء، فلا نقول: (ب بالحق)، خطأ .
(بِ)، وليست: (ب).
كذلك الحاء جاورت القاف.
والقاف مفخمة والحاء مرققة.
فنحذر من تفخيم الحاء، فلا نقول: (بالحق)، خطأ، (بالحَ)، خطأ .
ثم نقف على قاف مشددة. والقاف فيها صفة القلقلة، فتسمى قلقلة كبرى.

هذه بعض أحكام التجويد الواردة في هذا الوجه.

*التفسير:*

والآن ننتقل سويا إلى قراءة تفسيرها من كتاب التفسير الميسّر:

قال تعالى:
*{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ}:* إلى آخر الآية:
أي: فلما خرج طالوت بجنوده لقتال العمالقة قال لهم: إن الله ممتحنكم على الصبر بنهر أمامكم تعبرونه.
ليتميَّز المؤمن من المنافق، فمن شرب منكم من ماء النهر فليس مني، ولا يصلح للجهاد معي.
ومن لم يذق الماء فإنه مني؛ لأنه مطيع لأمري وصالح للجهاد.
إلا مَن ترخَّص واغترف غُرْفة واحدة بيده فلا لوم عليه.
فلما وصلوا إلى النهر انكبوا على الماء، وأفرطوا في الشرب منه، إلا عددًا قليلا منهم صبروا على العطش والحر، واكتفوا بغُرْفة اليد.
وحينئذ تخلف العصاة.
ولما عبر طالوت النهر هو والقلة المؤمنة معه -وهم ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا، لملاقاة العدو، ورأوا كثرة عدوهم وعدَّتهم.
قالوا: لا قدرة لنا اليوم بجالوت وجنوده الأشداء.
فأجاب الذين يوقنون بلقاء الله، يُذَكِّرون إخوانهم بالله وقدرته قائلين:
كم من جماعة قليلة مؤمنة صابرة، غلبت بإذن الله وأمره جماعة كثيرة كافرة باغية!!.
والله مع الصابرين بتوفيقه ونصره، وحسن مثوبته.

*{وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ}:*
ولما ظهروا لجالوت وجنوده، ورأوا الخطر رأي العين، فزعوا إلى الله بالدعاء والضراعة.
قائلين: ربنا أنزل على قلوبنا صبرًا عظيمًا، وثبت أقدامنا، واجعلها راسخة في قتال العدو، لا تفر مِن هول الحرب، وانصرنا بعونك وتأييدك على القوم الكافرين.

*{فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ الله}:*
فهزموهم بإذن الله، وقتل داود -عليه السلام- جالوتَ قائدَ الجبابرة، وأعطى الله -عز وجل- داود بعد ذلك الملك والنبوة في بني إسرائيل، وعَلَّمه مما يشاء من العلوم.
ولولا أن يدفع الله ببعض الناس -وهم أهل الطاعة له والإيمان به- بعضًا، وهم أهل المعصية لله والشرك به، لفسدت الأرض بغلبة الكفر، وتَمَكُّن الطغيان، وأهل المعاصي، ولكن الله ذو فضل على المخلوقين جميعًا.

*{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ}:*
أي: تلك حجج الله وبراهينه، نقصُّها عليك -أيها النبي- بالصدق، وإنك لمن المرسلين الصادقين.

*هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.*